حكم ( العيد / اليوم الوطني )
للشيخ محمد بن ابراهيم آل الشيخ رحمه الله
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده .
أما بعد :ـ فإن تخصيص يوم من أيام السنة بخصيصة دون غيره من الأيام يكون به ذلك اليوم عيداً ، علاوة على ذلك أنه بدعة في نفسه ومحرم وشرع دين لم يأذن به الله ، والواقع أصدق شاهد ، وشهادة الشرع المطهر فوق ذلك وأصدق ، إذ العيد اسم لما يعود مجيؤه ويتكرر سواء كان عائداً يعود السنة أو الشهر أو الأسبوع كما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
ولما كان للنفوس من الولع بالعيد ما لا يخفى لا يوجد طائفة من الناس إلا ولهم عيد أو أعياد يظهرون فيه السرور والفرح ومتطلبات النفوس شرعاً وطبعاً من عبادات وغيرها ، ولهذا لما أنكر أبو بكر الصديق رضي الله عنه على الجويريتين الغناء يوم العيد بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" دعهما ياأبا بكر فإن لكل قوم عيداً ، وهذا عيدنا أهل الإسلام " .
وقد منّ الله على المسلمين بما شرعه لهم على لسان نبيه الأمين صلى الله عليه وسلم من العيدين الإسلاميين العظيمين الشريفين الذين يفوقان أي عيد كان ، وهما:" عيد الفطر " و " عيد الأضحى " ولا عيد للمسلمين سنوياً سواهما ، وكل واحد من هذين العيدين شرع شكر الله تعالى على أداء ركن عظيم من أركان الإسلام .
فـ" عيد الفطر" أوجبه الله تعالى على المسلمين وشرعه ومنّ به عليهم شكراً لله تعالى على توفيقه إياهم لإكمال صيام رمضان وما شرع فيه من قيام ليله وغير ذلك من القربات والطاعات المنقسمة إلى فرض كالصلاة وصدقة الفطر وإلى مندوب وهو ماسوى ذلك من القربات المشروعة فيه ، وللجميع من المزايا ومزيد المثوبة ما لا يعلمه إلا الله تعالى
و " عيد الأضحى " شرع شكراً لله تعالى على أداء ركن آخر من أركان الإسلام وهو حج بيت الله الحرام ، وقد فرض الله فيه صلاة العيد ، وشرع فيه وفي أيام التشريق ذبح القرابين من الضحايا والهدايا التي المقصود منها طاعة الله تعالى والإحسان إلى النفس والأهل بالأكل والتوسع والهدية للجيران والصدقة على المساكين ،وشرع فيه وفي أيام التشريق وفي عيد الفطر من التكبير والتهليل والتحميد ما لا يخفى ، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم :" يوم عرفة ويوم النحر وأيام منى عيدنا أهل الإسلام وهي أيام أكل وشرب " وفي حديث آخر زيادة " وذكر لله تعالى "
كما منّ تعالى بشرعه إظهار السرور والفرح ولابروز بأحسن مظهر وأكمل نظافة والامبساط والفراغ في ذلك اليوم والتهاني بذلك العيد والراحة من الأعمال توفيراً للسرور والأنس وغير ذلك وكل ذلك يدخل في مسمى العيد حتى أذن فيه بتعاطي شيء من اللعب المباح في حق من لهم ميل إليه كالجويريات والحبشة الذين لهم من الولع باللعب ما ليس لغيرهم , كما أقر فيه صلى الله عليه وسلم الجويريتين على الغناء المباح بين يديه صلى الله عليه وسلم : وأقر الحبشة على اللعب بالدرق والحراب في المسجد يوم العيد ، وبذلك يعرف أن المسلمين لم يخلوا بحمد الله في السنة من عيد ، بل شرع لهم عيدان اثنان ، اشتمل كل واحد من العيدين من العبادات والعادات من الفرح والامبساط ومظهر مزيد التآلف والتواد والتهاني به بينهم ودعاء بعضهم لبعض على ما لم يشتمل عليه سواهما من الأعياد .
وتعيين يوم ثالث من السنة للمسلمين فيه عدة محاذير شرعية :
" أحدها " المضاهات بذلك للأعياد الشرعية .
" المحذور الثاني " : أنه مشابهة للكفار من أهل الكتاب وغيرهم في إحداث أعياد لم تكن مشروعة أصلاً ، وتحريم ذلك معلوم بالبراهين والأدلة القاطعة من الكتاب والسنة ، وليس تحريم ذلك من باب التحريم المجرد ، بل هو من باب تحريم البدع في الدين ، وتحريم شرع دين لم يأذن به الله كما يأتي إن شاء الله بأوضح من هذا ، وهو أغلظ وأفضع من المحرمات الشهوانية ونحوها .
وقد ألف شيخ الإسلام تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية قدس الله روحه ونور ضريحه في تحريم مشابهة الكفار ولا سيما في أعيادهم سفراً ضخماً سماه " اقتضاء الصراط المستقيم ، في مخالفة أصحاب الجحيم " ذكر فيه تحريم مشابهة الكفار بالأدلة : من الكتاب ، والسنة ، والإجماع ، والآثار ، والإعتبار ، فذكر من الآيات القرآنية ما ينيف على ثلاثين آية ، وقرر بعد كل آية وجه دلالتها على ذلك , ثم ذكر من الأحاديث النبوية الدالة على تحريم مشابهة أهل الكتاب ما يقارب مائة حديث ، وأعقب كل حديث بذكر وجه دلالته على ذلك ، ثم ذكر الإجماع على التحريم ، ثم ذكر الآثار .
ثم ذكر من الاعتبار ما في بعضه الكفاية ، فما أجل هذا الكتاب وأكبر فائدته في هذا الباب .
" المحذور الثالث" : أن ذلك اليوم الذي عين الموطن الذي هو أول يوم من الميزان هو يوم المهرجان الذي هو عين الموطن الذي هو أول يوم من الميزان هو يوم المهراجان الذي هو عيد الفرس المجوس ، فيكون تعيين هذا اليوم وتعظيمه تشبهاً خاصاً ، وهو أبلغ في التحريم من التشبه العام .
" المحذور الرابع " : ان في ذاك من التعريج على السنة الشمسية وإيثارها على السنة القمرية التي أولها المحرم ما لا يخفى ، ولو ساغ ذلك ـ وليس بسائغ البتة ـ لكان أول يوم من السنة القمرية أولى بذلك، وهذا عدول عما عليه العرب في جاهليتها وإسلامها ، ولا يخفى أن المعتبر في الشريعة المحمدية بالنسبة إلى عباداتها وأحكامها الفتقرة إلى عدد وحساب من عبادات وغيرها هي الأشهر القمرية ، قال تعالى (هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نوراً وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك إلا بالحق يفصل الآيات لقوم يعلمون ((60) وقال النبي صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه الشيخان عن ابن عمر رضي الله عنهما :" إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب الشهر هكذا وهكذا وهكذا ، وعقد الإبهام في الثالثة ثم قال : الشهر هكذا وهكذا وهكذا يعني تمام الثلاثين يعني مرة تسعة وعشرين ومرة ثلاثين " فوقت العبادات بالأشهر القمرية من الصيام والحج وغير ذلك كالعدد ، وفضل الله الأزمنة بعضها على بعض باعتبار الأشهر القمرية .
" المحذور الخامس" أن ذلك شرع دين لم يأذن به الله ، فإن جنس العيد الأصل فيه أنه عبادة وقرية إلى الله تعالى ،مع ما اشتمل عليه مما تقدم ذكره ، وقد قال تعالى : ( أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله) (61)
ــ ثم ذكر نقلا طويلا عن شيخ الاسلام ، ثم ختم بقوله ــ
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
تحريراً في 19/5/1385هـ)
(برقية)
صاحب الجلالة الملك المعظم أيده الله الرياض
بلغني أن هناك يوماً في السنة عند الموظفين والمدارس يسمى يوم النظافة; وقد احتفل به في جدة ، وأبدى لجلالتكم حفظكم الله ، أن تخصيص هذا اليوم والاحتفال به أمر لا يجيزه الشرع حيث يكون بصفة العيد ، ولا عيد لأهل الإسلام غير أعيادهم التي سنها الشرع ، وما سواها فحدث باطل ينهى عنه الإسلام ويمنعه .
أما النظافة فأمرها معروف ، وهي مطلوبة في كل وقت ، لا تخصص بوقت دون وقت ، قف ، بلغني هذا الخبر وعسى أن لا يكون صحيحاً وغيرتكم للشرع وحمايتكم له تأبى إقرار هذا الشيء وأمثاله تولاكم الله بتوفيقه .
محمد بن إبراهيم ( ص ـ م ـ 229 في 16/8/1379هـ)
دروس للشيخ عبد العزيز بن باز - (10 / 11)
حكم الاحتفال باليوم الوطني وأسبوع الإمام محمد بن عبد الوهاب
السؤال
ما حكم الاحتفال باليوم الوطني، وكذلك أيضاً أسبوع للإمام محمد بن عبد الوهاب ، وإذا كانت ليست بدعاً فما الفرق بينها وبين البدع؟
الجواب
اليوم الوطني بدعة، أما أسبوع العلماء من الذي قال: إنه بدعة؟! هذا أسبوع تعرض فيه كتبهم، ما هو باحتفال، هذا أسبوع تُعرض فيه الكتب، إذا قيل: أسبوع لكتاب كذا، وأسبوع لكتاب كذا، وهذا الأسبوع يباع فيه كذا، وأسبوع يباع فيه كذا، ليس هذا احتفالاً، هذا معرض للكتب، وبيان ما ألفه فلان، وما طُبع من كتبه، فإذا قيل: أسبوع لـ محمد ، وأسبوع لـ شيخ الإسلام ، وأسبوع لـ ابن عبد السلام ، وأسبوع للقرطبي ، وأسبوع لكذا، تنشر كتبهم، وتباع بين الناس، ليس هذا من البدع، هذا إظهار للكتب وبيع لها ونشر لها بين الناس.
أما اليوم الوطني، والاحتفال باليوم الوطني، أو بأي يوم، أو بليلة الرغائب كل هذا بدعة، كلها من البدع، وهو تشبه بأعداء الله.
دروس للشيخ عبد العزيز بن باز - (17 / 31)
حكم الأعياد والمناسبات الوطنية والتهنئة بها
السؤال
يجري في بعض البلاد أعياد بمناسبة الاستقلال مثلاً، أو بما يسمى بالعيد الوطني، فهل هي أعياد مشروعة أو مباحة، وما حكم التهنئة بها؟ كذلك ما حكم التهنئة بدخول السنة الهجرية؟
الجواب
كل هذه الأعياد مبتدعة، وكلها باطلة من موالد أو غيرها، لا يجوز فعلها، ولا الاحتفال بها، بل يجب ترك ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك ولا أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم، فالواجب ترك ذلك، أما إذا هنأك إنسان وقال لك: جزاك الله خيراً، نسأل الله التوفيق، فلا بأس به، لكن الأفضل ألا تبدأ بالتهنئة بالعام الجديد أو ما أشبه ذلك، لكن إذا قال لك: مبارك، وجزاك الله خيراً، وبارك الله فيك، فلا بأس إن شاء الله، أما الاحتفال ووجود اجتماعات أو طعام أو ما أشبه ذلك، فلا يجوز.
مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين - (16 / 119)
وسئل فضيلته: ما رأي سماحتكم في الأعياد التي تقام الان، لعيد الميلاد، والعيد الوطني، وغير ذلك؟
فأجاب فضيلته بقوله:
أماعيد الميلاد فإن كان المراد ميلاد عيسى بن مريم، عليه الصلاة والسلام، الذي يتخذه النصارى عبادة فإن إقامته للمسلم حرام بلا شك. وهو من أعظم المحرمات، لأنه تعظيم لشعائر الكفر، والإنسان إذا أقامه فهو على خطر.
وأما إذا كان المراد ميلاد كل شخص بنفسه، فهذا إلى التحريم أقرب منه إلى الكراهة، وكذلك إقامة أعياد المناسبات غير المناسبات الشرعية، والمناسبات الشرعية للأعياد هي: فطر رمضان، وعيد الأضحى، وعيد الأسبوع، وهو يوم الجمعة.
-- وسئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين عن حكم الاحتفال بما يسمى عيد الأم ؟.
فأجاب :
إن كل الأعياد التي تخالف الأعياد الشرعية كلها أعياد بدع حادثة لم تكن معروفة في عهد السلف الصالح وربما يكون منشؤها من غير المسلمين أيضا؛ فيكون فيها مع البدعة مشابهة أعداء الله سبحانه وتعالى ، والأعياد الشرعية معروفة عند أهل الإسلام ، وهي عيد الفطر ، وعيد الأضحى ، وعيد الأسبوع ( يوم الجمعة ) وليس في الإسلام أعياد سوى هذه الأعياد الثلاثة ، وكل أعياد أحدثت سوى ذلك فإنها مردودة على محدثيها وباطلة في شريعة الله سبحانه وتعالى ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " أي : مردود عليه غير مقبول عند الله
وفي لفظ : " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد " ، وإذا تبين ذلك فإنه لا يجوز في العيد الذي ذكر في السؤال والمسمى عيد الأم ، لا يجوز فيه إحداث شيء من شعائر العيد ، كإظهار الفرح والسرور ، وتقديم الهدايا وما أشبه ذلك ، والواجب على المسلم أن يعتز بدينه ويفتخر به وأن يقتصر على ما حده الله تعالى لعباده فلا يزيد فيه ولا ينقص منه ، والذي ينبغي للمسلم أيضا ألا يكون إمعة يتبع كل ناعق بل ينبغي أن يُكوِّن شخصيته بمقتضى شريعة الله تعالى حتى يكون متبوعا لا تابعا ، وحتى يكون أسوة لا متأسياً ؛ لأن شريعة الله - والحمد لله - كاملة من جميع الوجوه كما قال تعالى ** اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا } ، والأم أحق من أن يحتفى بها يوماً واحداً في السنة ، بل الأم لها الحق على أولادها أن يرعوها ، وأن يعتنوا بها ، وأن يقوموا بطاعتها في غير معصية الله عز وجل في كل زمان ومكان .
" فتاوى إسلامية " ( 1 / 124 )
ومجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " ( 2 / 301 ، 302 ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق