الاثنين، 17 يونيو 2013

ما أشبه الليلة بالبارحة !!



Ahmed Abd Elaty



ما أشبه الليلة بالبارحة !! 

فى عام 1979 احتلت القوات السوفيتية ارض افغانستان مما جعل الأفغان كعوائل وقبائل وأفراد يشاركون فى الجهاد ضدهم , فرأت أمريكا فى هذه الحرب منفعه لها فالاتحاد السوفيتى هو العدو الأقوى لها , فإن تأججت نار الجهاد الإسلامى ضده فأمريكا ستربح فى حالتى نصره على السوفيت بطبيعه الحال , أو حتى إن انهزم الجهاد فسيكون أنهك القوات السوفيتية وهو مافيه النفع للامريكان , وفى الحالتين فكانت أمريكا ترى أن هؤلاء المجاهدين مهما فعلوا ومهما زادت قوتهم فلن تتعدى قوة السوفييت يوما ما , وقد خاب ظنهم .

لعبت أمريكا فى هذه الحرب عدة أدوار :

1: صناعه حلف إقتصادى عالمى ضد الاتحاد السوفيتى وحلف وارسو يتكون من كندا , واستراليا , اليابان ودول اوروبا الغربية وبعض الدول الأخرى , ووضع هذا الحلف خطة لدعم الحرب المضادة للسوفييت بملايين الدولارات , أو المليارات , وقد كان .
ولكن كان دعم الدول الغربية يذهب للأفغان أصحاب الأرض , لا للأفغان العرب , فقد كان الأفغان العرب يعتمدون على الدعم الشعبى الاسلامى أو أنهم كانوا يأتون ومعهم مايكفل لهم جهادهم .

2: إعطاء الضوء الأخضر للحكومات العربية والاسلامية العميلة لدعم الجهاد الأفغانى من جوانب كثيرة , حتى لا يشك المسلمون فى نوايا أمريكا , فأن تأمر أمريكا , غير أن يأمر علماء مسلمون بالطبع بأوامر من أمريكا , فكان الدعم عن طريق :
ا).إقاد شعله الجهاد فى المساجد , خصوصا فى السعودية ودول الخليج وباكستان ومصر , فتجد الخطب تتحدث عن الجهاد وأنه فرض عين وأن على الجميع الجهاد إمّا بالمال أو بالنفس
ب). لعبت السعودية دورا بارزا كرمز دينى عريق , فتوى علماءه لها ثقل , فكانت فتواهم بالجهاد من أكثر ماحرك المسلمون .
ج). وصل الحال بالسعودية أن تخفض تذاكر الطيران لباكستان ل 75% من سعره الأصلى .
د). وصل الدعم الشعبى الاسلامى للجهاد الأفغانى فى الجانب العسكرى فقط على لسان قادة الجهاد وقتها إلى مائتى مليون دولار , خلال 10 أعوام , فما بالكم بدعم الطبى والاغاثى إلخ ؟

3: تحريك باكستان لدعم الحرب :
بفضل أن باكستان اشتركت مع افغانستان فى أكثر من 2200 كيلومتر حدوديا , فكانت باكستان تشارك فى توزيع المساعدات المالية والسلاح بين الأحزاب الاسلامية المقاتلة , بل وصل المر لها أن تشارك أحيانا فى معارك حدودية بجيشها بجانب المجاهدين ضد الروس . وفتحت باكستان حدودها لإدخال المجاهدين من كل مكان .

4: بعد قرابة 10 سنين من الجهاد الأفغانى , واقتراب سقوط النظام السوفيتى , أرادت أمريكا أن تحصد ما زرعه المجاهدون فأشاعت فريتين فى الإعلام العالمى :

1). أنها هى من دعمت الأفغان العرب بالمال وأنهم من صنعها , وهذا كذب وافتراء فالافغان العرب ماهم إلا مجاهدون حركتهم الفطرة الدينية , ودعمهم كان من أنفسهم أو من الشعوب العربية والاسلامية كما سبق الذكر .

2). أنها قبل سقوط النظام السوفيتى أدخلت للافغان صواريخ ستينجر بعدد محدود أدى لإسقاط طائرات الروس بشكل محدود , فصدروا الأمر أن سبب نصر الافغان هو هذه الصواريخ !
وانتهت الحرب , و حان دور أن ينتهى الجهاد فى افغانستان , فمن تحكم حكومة عميلة , وتسلط أمريكى , إلى دخول واحتلال أمريكى صريح فى افغانستان , فكانت حرب الأفغان الثانية .

وجاء دور العلماء والعملاء والحكام الخونة , فكان الجهاد ضد الروس فرض عين , ولكنه أصبح حين وجه ضد الأمريكان سفك للدماء وارهاب ,,,,,

أصبح الأفغان العرب حينما حاربوا الروس أبطالا مجاهدين , وحينما عادوا من الحرب الأولى قبض على معظمهم واودعوا فى السجون حتى لا يعيدوا الكرة مع الأمريكان .,,,,
تم التضييق الرهيب على المسلمين فى كل مكان وأصبح من المستحيلات أن تصل إلى أرض الافغان دون ان تعتقل وتودع فى جوانتنامو أو السجون الأمنية فى الدول العربية على رأسهم مصر والسعودية وسوريا .

تم التضييق على المجاهدين هناك بعميلة تسمى تجفيف المنابع , فتم إغلاق منافذ التبرع الاسلامية والعربية حتى لا يجد المجاهدون مايصرفون به على أنفسهم أو على الجهاد .

هذه نظرة سريعه فى التاريخ الافغانى ودور امريكا فى توجيه العرب والمسلمون فى دعمه , ثم توجيههم ضده ومحاولتها أن تجنى ثماره وحدها , 


والآن سوريا ....
ربما إن وقفنا قليلا مع حرب الأفغان الأولى , لوجدنا أن التاريخ يكرر نفسه بالظبط فى حالة سوريا الآن , اختلفت المسميات , اختلفت الأرض , اختلفت التفاصيل , ولكن تشابهت فى نفس الخطوط العريضه 

بداية الثورة السورية ظلت أمريكا فى صمت حكيم , فالنظام العلوى حليف مهم لها يحفظ لها نفسها من الارهابيين , ويحفظ لها اسرائيل كذلك , طال الصمت , حتى أحست بالخطورة من تصاعد نجم كتائب منهجها واضح لايحتمل المداهنة والاجتماعات والغرف المغلقه , فكان أول مانطقت به , هو وضع "جبهة النصرة لأهل الشام " على قوائم الارهاب .

لم تأخذ الحكومات العربية أو الاسلامية الاذن بعد من أمريكا كما أخذته وقت الأفغان , فأصدر الشيوخ الفتاوى المثبطة للجهاد فكان :
" لا يوجد جهاد فى سوريا , إنما هو فتنة "
" يوجد جهاد ولكن لاتوجد راية نقية "
" أتذهب لتقاتل فى سوريا , مسلم يقتل مسلما !"
" إن كان هناك جهاد فهو فرض كفاية "
"يجب استئذان ولى الأمر "
إلى آخر الفتاوى المثبطة .

أما السعودية فضيقت بشكل علنى على من أراد من الشيوخ أن يجمع لدعم المقاتلين والمجاهدين , فحين أعلن الشيخ العريفى وثلاثة شيوخ آخرين , تم القبض عليهم وكتبوا إقرارا على أنفسهم بعدم تجميع التبرعات , فوجدت السعودية نفسها تحاول مسك الماء بيدها , فقالت بيدى لا بيد عمرو ,فكان الأمر كالآتى :

1: أصدر المفتى هناك فتوى تقول أن تجميع التبرعات دون اذن ولى الامر حرام أو خروج على الحاكم لا أذكر نصها .

2: أعلنت حملة تبرعات رهيبة لدعم الثورة السورية , جمعت الملايين , وحين أسأل السوريين عن هذه الملايين يقولون "لم نرى " " لم نسمع " ,,,"لم ننل منها شيئا "
زاد نجم الجهاد , ونال دعم أفراد من الأمة الاسلامية , ساعد فى ذلك هنا لا سماحية الأمريكان , ولكن الانفتحاح الأمنى وقت الثورات , فوجدت امريكا نفسها أمام نصر آت لا محالة , هى ليست مشاركة فيه بل أيضا وجدت مشاركة أعدائها فى المصالح من (إيران – روسيا – والصين ) فى هذه الحرب الخاسرة , فأصبح من جانبها الامر مثلما كان أيام الروس فأصبح من المصلحه سقوط هذا النظام وتكوين وانشاء نظام تحت رعايتها .

فحاولت أمريكا تكرار تجربة الأفغان بتغيير بعض التفاصيل :
1: حينما وجدت امريكا تركيا تفتح الحدود لسوريا لأسباب عدة , لم تعترض وفى يديها الاعتراض بالطبع , مما يشبه تركيا بباكستان مع اختلاف الادوار , واختلاف المحرك لهما .
2: البدء فى اعداد مابعد سقوط بشار من جانب :
ا). دعم أمريكا للمعارضه السياسية السورية , التى ليس لها ثقل على الأرض , فدعموهم بالمال ,والامكانيات وبالاعلام .
ب). اعطاء كرسى سوريا لمعاذ الخطيب رئيس الائتلاف الوطنى السورى .
ج). اقامة قاعدة طائرات دون طيار بالأردن .
د). تدريب جنود على الحدود التركية .
ه). وجود كتائب علمانية مدعومه من امريكا , وكتائب لها مرجعي اسلامية ساعيه للسلطة فقط , تأخذالسلاح وتخزنه فى مخازن بشهادة كثير من الكتائب .

3: اعلان دعمها للثوار بالسلاح , وبالطبع لن يكون السلاح للكتائب الاسلامية كما ذكرت امريكا عن جبهة النصرة أنها ترى " دمشق هى الطريق للقدس " .

4: فى نفس يوم اعلان امريكا دعم الثوار بالسلاح , أعلن شيوخ الاسلام اعلان الجهاد , وتراجعوا عن فتاويهم الكثيرة المخذّلة , ويكأن المجاهدون كانوا ينتظرون فتواهم للنفير , فى تكرار مستفز .

5: احد مستشارى الرئيس المصرى باحد المؤتمرات يصرح باهمية الجهاد فى سوريا وانهم لن يكرروا القبض على العائدين من هناك , فمن شاء فليسافر .
فبعد فترة بعد سقوط النظام إن أسقطنا الافغان وجزء من التجربة العراقية على السوريين , سنجد :
1: أمريكا هى من أسقط النظام العلوى , بأسلحتها ودعمها , وهذا سيكون كالعادة كذب , فهى إن دعمت ستدعم الكتائب العلمانية التى تخزن السلاح , أو بعض الكتائب الساعيه للسلطة تحت مسمى الاسلام- التى تعد الصحوات كصحوات العراق -ولكن لن تدعم الكتائب المقاتله المؤثره على الأرض فعلا , فهى إن دعمت الثورة ب مليار مثلا , فلن يشارك من المبلغ فى اسقاط النظام إلا بمئات الدولارات وان زاد فبالالاف , وباقيه سيوجه ضد المجاهدين بعد سقوط النظام .
2: ستتغير فتاوى الشيوخ وترجع إلى تثبيط المسلمين من باب حفظ دماء المسلمين وأموالهم .
3: ستفتح مرة أخرى قضايا العائدين من سوريا .
4: ستجفف منابع المتبرعين .
5: ستنشأ صحوات جديدة تحاب المجاهدين وتدخل سوريا فى حرب جديدة أمام العالم ستكون بين مسلمين ومسلمين , ولكن نحسب أنها ستكون أمام الله بين مجاهدين ومرتدين .

فالله المستعان , فالتجربة تتكرر فحذافيرها , فإن أسأءنا الظن فى كل الأطراف فذلك لن يؤثر معهم شىء أمام الله إن كانوا على الحق , ولكن إن كانوا على الباطل وأحسنا الظن بهم , فلا يلومن المرء إلا نفسه .

فمن المهم استغلال هذا الانفتاح فى دعم الجهاد فى سوريا والنفير إليها قبل أن يغلق هذا الباب , مع ايضا وضع سوء الظن وتكرار التجربة فى الحسبان , وأبشروا ....
وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ...