قصيدة للشيخ المعتقل د/ موسى القرني بعنوان : (إلهي لك الشكوى)
هذه قصيدة للشيخ الدكتور المعتقل موسى بن محمد القرني بعنوان : "إلهي لك الشكوى" كتبها على منديل من معتقله , يحكي فيها حاله منذ أن اعتقل في مدينة جدة بتاريخ ( 14/1/1428 هـ ) إلى الآن مع مجموعة من الأفاضل وهم: د/سعود مختار الهاشمي، د/عبدالرحمن الشميري، الشيخ سليمان الرشودي، فهد الصخري، عبدالرحمن بن صديق، سيف الدين بن فيصل الشريف، علي خصيفان القرني , فإليكم هذه القصيدة المؤلمة :
إلهي لك الشكوى وأنت المدبر :: وأنت الذي تجري الأمور وتقدر
وأنت لمضطر دعاك مجيبه :: وأنت لمظلوم تعين وتنصر
وليس لما أخَرت فينا معجَل :: وليس لما عجلت فينا مؤخر
وليس لا أعطيت للخلق مانع :: ولا أحد يأتي بما بلا تيسَر
وليس لما يسَرته من معسَر :: وأنت الذي للكسر والضعف تجبر
وأنت ترى بثي وحزني ولوعتي :: وأنت الذي أشكو إليك وأجأر
وإني بما قدرت راض وصابر :: وأعلم أن الخير فيما تقدر
ولكنه وصف لحالي أقوله :: وأنت إلهي إن تجاوزتُ تغفر
إلهي لقد جاروا علينا لأننا :: إلى العدل والإصلاح ندعو وننذر
وندعو إلى الشورى التي قد دعا لها :: نبي الهدى,والظلم والقهر ننكر
لكن قوماً من ولاة أمورنا :: علينا عدوا ظلماً ولم يتبصروا
إلى السجن ساقونا وذلَوا رقابنا :: وذَلوا أهالينا وفينا تجبروا
دليلهم السجَان والقيد آيهم :: فهل من دليل غير هذا يِحبَر
ثلاث سنين قد قضينا بجدةٍ :: ومحبسنا بالانفرادي يُشهر
ومن بعدها جئنا إلى سجن حاير :: وعن وصفه يعيا بياني ويقصر
ففيه من الإذلال شيء مروَع :: وفيه من الإهمال مالا يُصور
وفيه إهانات تخطت حدودها :: وليست على ذي الدين والعقل تخطر
نُقلنا إليه كاللصوص,عيوننا :: مغمضَة ,والرجل في القيد تعثر
مكلبشة منا الأيادي فتارة :: ندَف وأخرى كالخراف نجرجر
بقينا بهذا الحال من عصر يومنا :: إلى الفجر والحراس بالحقد تقطر
إذا ما تعثرنا من القيد أغلظوا :: وإن أبطأ الشخص المقيَد زمجروا
ولما تلكَا بعضنا في مسيره :: سمعنا هراوات على الظهر تُمطر
على وجهه ألقوه في الأرض وانتحوا :: له كليوث الغاب بالفحش تزأر
وعَشرتنا قد أدخلونا بغرفة :: نُرص بها مثل الكلاب ونحشر
نُعامل كالأنعام يُرمى عِلافها :: وليس لنا حق سوى الأكل يُذكر
لكل سجين قدر فرشة نومه :: وحمّامنا للصوت والريح ينشر
يحيط به جدرٌ قصير,وبابه :: قصير فما غير المغلَّظ يستر
إذا ما أردنا الاغتسال فإننا :: بأثوابنا نحثو المياه وننثر
إذا ما خلعنا الثوب بان لصحبنا :: من الجسم مافوق البطون ويُظهر
وجدنا بأكياس القمامة سترة :: نحيط بها حمامنا ونسّور
ومسؤولنا الأعلى رقيب يجيئنا :: بكل ثلاثاء دقائق تحضر
وليس لديه من جواب لمطلب :: سوى الكذب ,والأوهام دوماً يزور
وإن كثرت منا المطالب لم نجد :: سوى قوله يا قوم للنعمة اشكروا
وقد منعوا عنا الزيارات كلها :: وشهران مرّا لا زيارة تذكر
كتبنا وطالبنا وبُحت حلوقنا :: وقلنا بأنا لم نعد قط نصبر
ومن بعدها قالوا الزيارة مرة :: تكون لنا في كل شهر تكرر
إذا ما أتانا للزيارة أهلنا :: يلاقون أصناف الأذى حين يحضروا
فكم قد أهانوا أهلنا ونساءنا :: وكم قد شكوا من جورهم وتذمّروا
يلاقون في التفتيش كل أذية :: فأثوابهم بالخلع تطوى وتنشر
كلاسينهم يُعرونها وصدورهم :: وعوراتهم باللمس والجّس تهصر
وليس لشكواهم من الذل سامع :: وليس لهم إلا الدعا والتصبر
ومن أجلنا ذاقوا المرارات والعنا :: ولم ييأسوا يوماً ولم يتضجروا
فهل مسلم يرضى بهذا لأهله :: وهل عاقل يا قوم أو متبصر
فلو كان في كوبا الذي جرى لنا :: لطارت به الهيئات تشكو وتنذر
إذا دخلوا بعد الإهانات والأذى :: نسليهموا بالقول لا تتحسروا
فعما قريب يبدل العسر يسرة :: وتغدو المآسي ذكريات تذكر
وأما المقضي فهو في الشهر مرة :: ويشري لنا مالا يفيد ويذكر
لكل سجين خصلة ليس غيرها :: وليس له شئ سواها يخير
ويقتسم الاثنان في الشهر حبة :: من الشمبو والصابون كي يتطهروا
كذا حبة المعجون بالنصف بينهم :: لمدة شهر يامساجين فاصبروا
وقد سمحوا كيما نهاتف أهلنا :: نطمئنهم عن حالنا ونخبر
ففي كل أسبوع نكلم مرة :: دقائق عشر بالثواني تقدر
وتنتقص أحياناً لخمس دقائق :: وفي معظم الأحيان تلغى وتبتر
وليس لنا حق بتعويض فاقد :: من الوقت مهما أجحفوا وتجبروا
وإن زاد فرد في الكلام دقيقة :: فذلك ذنب ليس يمحى ويغفر
يعاقب بالحرمان دون هوادة :: ويمنع من أدنى الحقوق وينذر
يهان إذا أبدى اعتراض أو اشتكى :: ويؤذيه غلمان بغوا وتعسكروا
ترى الشيخ والشيب المهيب مذللاُ :: يُسب ويؤذى من طغام ويقهر
ولا يطفئون النور عند منامنا :: فمنذ أتينا والاضاءات تبهر
فلا ليل فيه تسكن النفس برهة :: ولمباتهم كالشمس بالنور تجهر
وقد منعوا اطفاءها رغم أنهم ::لهم كاميرات كل شئ تصور
تصور حتى لو غدا الليل حالكاً :: وترصد مشي النمل لو يتعثر
وللفرد منا كل يوم وليلة :: ثلاث تميرات تعد وتحصر
سوى أن منا من يِهادي زميله :: بتمراته عن طيب نفس ويؤثر
فيا عجب تُعطى التمور هدية :: لكل بلاد الله والسجن مقفر
ولما أردنا نشتري بنقودنا :: تموراً بها من صام منا سيفطر
اجابوا بأن التمر يُمنع جلبه :: شراءً وممنوع به الأهل يحضروا
وشهراً مكثنا لا صوابين عندنا :: ننقّي به أجسامنا ونطهر
وشهراً جلسنا لامعاجين عندنا :: نزكيّ بها أفواهنا ونبهِّر
كذا العطر ممنوع فمنذ مجيئنا :: وليس لنا عطر به نتعطر
فكل سبيل للوساخة واجب :: وكل سبيل للنظافة منكر
وكل سبيل للاهانة لازم :: وكل سبيل للكرامة مهدر
وفي كل اسبوع نُساق لساعة :: نرى الشمس فيها في المشمس نحصر
لقد أهدروا منا الكرامات كلها :: فلم يبق شئ بعد ذلك يُحذر
وإن أذنوا للشخص منا بخلوة :: ففي غُرف عند البهائم تُقذر
شراشفهم تعلو القذارات فوقها :: وفرشهمو مثل القمامة أغبر
وقد وضعوا فوق الفراش وسادة :: تغيّر منها اللون فالترب أطهر
أثاث قديم هالك متوسخ :: كريه ولون حائل متغيّر
علاها البلى حتى كأن زمانها :: عليه مضى دهر طويل وأعصر
فأين حقوق الناس كيما ترى هنا :: جميع حقوق الآدميين تهدر
فلا شيئ غير الأكل يُعطى لنا هنا :: وكل معاني الأدمية تُنحر
فلا كتب تعطى لنا أودفاتر :: ولا ورق أو مابه الخط يُسطر
صنعنا من القصدير أقلام خطنا :: تترجم عما عندنا وتعبر
نخط بها فوق الجدار قصائداُ ::دفاترنا الجدران فيها نحبّر
وحائطنا صرنا نسميه نكتة :: اذا ما جلسنا عنده نتسمر
غدا حائط المبكى ونحن أمامه :: نهُز قوافي الشعر بالظلم تسخر
وقد منعوا عنا الملابس كلها :: سوى ما به منّوا علينا واحضروا
ملابس خّصت للسجون رديئة :: غليظ حواشيها بها اللون أعفر
وأما الثياب البيض فالمنع حكمها :: وكل السراويل الطويلات تحظر
وعارية منا الرؤوس فكل ما :: يغطي رؤوساً فهو في السجن منكر
فليس لنا حق يصان جنابه :: وليس لنا عذر لشيئ فنعذر
فمنا قضاة سابقون وبيننا :: شيوخ لهم في العلم ذكر ومنبر
ومنا أساتيذ كبار تبوؤا :: مناصب في كل المحافل تشهر
محامون مرموقون فينا جهودهم :: وأعمالهم في الخير تُروى وتُذكر
وفينا شباب طامحون إلى العلا :: نجوم بذكر الله تزهو وتزهر
وليس لنا ذنب سوى جور حاكم :: له صولة يؤذي بها ويُدمر
يرى العدل والشورى جرائم من دعا :: لها فله كل البلايا تُدبّر
ومن رام إصلاحاً فإن مكانه :: سجون بها يقضي الحياة ويُقبر
إلهى اليك المشتكى من مظالم :: سقانا وآذانا بها متجبّر
فأنت إلهي قاهر كل ظالم :: وأنت القدير المؤمن المتكبر
وأنت معين الصادقين فكن لنا :: معيناً فأنت الله أعلى وأكبر
القصيدة منقولة من صفحة الشيخ الدكتور موسى بن محمد القرني (حملة لنصرة المعتقل) على الفيس بوك
القصيدة منقولة من صفحة الشيخ الدكتور موسى بن محمد القرني (حملة لنصرة المعتقل) على الفيس بوك