الجمعة، 26 أكتوبر 2012

قصيدة للشيخ الدكتور المعتقل موسى القرني : تعليق الدكتور سعد الفقيه







قصيدة للشيخ المعتقل د/ موسى القرني بعنوان : (إلهي لك الشكوى)


هذه قصيدة للشيخ الدكتور المعتقل موسى بن محمد القرني بعنوان : "إلهي لك الشكوى" كتبها على منديل من معتقله , يحكي فيها حاله منذ أن اعتقل في مدينة جدة بتاريخ ( 14/1/1428 هـ ) إلى الآن مع مجموعة من الأفاضل وهم: د/سعود مختار الهاشمي، د/عبدالرحمن الشميري، الشيخ سليمان الرشودي، فهد الصخري، عبدالرحمن بن صديق، سيف الدين بن فيصل الشريف، علي خصيفان القرني , فإليكم هذه القصيدة المؤلمة :


إلهي لك الشكوى وأنت المدبر :: وأنت الذي تجري الأمور وتقدر
وأنت لمضطر دعاك مجيبه :: وأنت لمظلوم تعين وتنصر
وليس لما أخَرت فينا معجَل :: وليس لما عجلت فينا مؤخر
وليس لا أعطيت للخلق مانع :: ولا أحد يأتي بما بلا تيسَر
وليس لما يسَرته من معسَر :: وأنت الذي للكسر والضعف تجبر
وأنت ترى بثي وحزني ولوعتي :: وأنت الذي أشكو إليك وأجأر
وإني بما قدرت راض وصابر :: وأعلم أن الخير فيما تقدر
ولكنه وصف لحالي أقوله :: وأنت إلهي إن تجاوزتُ تغفر
إلهي لقد جاروا علينا لأننا :: إلى العدل والإصلاح ندعو وننذر

وندعو إلى الشورى التي قد دعا لها :: نبي الهدى,والظلم والقهر ننكر
لكن قوماً من ولاة أمورنا :: علينا عدوا ظلماً ولم يتبصروا
إلى السجن ساقونا وذلَوا رقابنا :: وذَلوا أهالينا وفينا تجبروا
دليلهم السجَان والقيد آيهم :: فهل من دليل غير هذا يِحبَر
ثلاث سنين قد قضينا بجدةٍ :: ومحبسنا بالانفرادي يُشهر
ومن بعدها جئنا إلى سجن حاير :: وعن وصفه يعيا بياني ويقصر
ففيه من الإذلال شيء مروَع :: وفيه من الإهمال مالا يُصور
وفيه إهانات تخطت حدودها :: وليست على ذي الدين والعقل تخطر
نُقلنا إليه كاللصوص,عيوننا :: مغمضَة ,والرجل في القيد تعثر
مكلبشة منا الأيادي فتارة :: ندَف وأخرى كالخراف نجرجر
بقينا بهذا الحال من عصر يومنا :: إلى الفجر والحراس بالحقد تقطر
إذا ما تعثرنا من القيد أغلظوا :: وإن أبطأ الشخص المقيَد زمجروا
ولما تلكَا بعضنا في مسيره :: سمعنا هراوات على الظهر تُمطر
على وجهه ألقوه في الأرض وانتحوا :: له كليوث الغاب بالفحش تزأر
وعَشرتنا قد أدخلونا بغرفة :: نُرص بها مثل الكلاب ونحشر
نُعامل كالأنعام يُرمى عِلافها :: وليس لنا حق سوى الأكل يُذكر
لكل سجين قدر فرشة نومه :: وحمّامنا للصوت والريح ينشر
يحيط به جدرٌ قصير,وبابه :: قصير فما غير المغلَّظ يستر
إذا ما أردنا الاغتسال فإننا :: بأثوابنا نحثو المياه وننثر
إذا ما خلعنا الثوب بان لصحبنا :: من الجسم مافوق البطون ويُظهر
وجدنا بأكياس القمامة سترة :: نحيط بها حمامنا ونسّور
ومسؤولنا الأعلى رقيب يجيئنا :: بكل ثلاثاء دقائق تحضر
وليس لديه من جواب لمطلب :: سوى الكذب ,والأوهام دوماً يزور
وإن كثرت منا المطالب لم نجد :: سوى قوله يا قوم للنعمة اشكروا
وقد منعوا عنا الزيارات كلها :: وشهران مرّا لا زيارة تذكر
كتبنا وطالبنا وبُحت حلوقنا :: وقلنا بأنا لم نعد قط نصبر
ومن بعدها قالوا الزيارة مرة :: تكون لنا في كل شهر تكرر
إذا ما أتانا للزيارة أهلنا :: يلاقون أصناف الأذى حين يحضروا
فكم قد أهانوا أهلنا ونساءنا :: وكم قد شكوا من جورهم وتذمّروا
يلاقون في التفتيش كل أذية :: فأثوابهم بالخلع تطوى وتنشر
كلاسينهم يُعرونها وصدورهم :: وعوراتهم باللمس والجّس تهصر
وليس لشكواهم من الذل سامع :: وليس لهم إلا الدعا والتصبر
ومن أجلنا ذاقوا المرارات والعنا :: ولم ييأسوا يوماً ولم يتضجروا

فهل مسلم يرضى بهذا لأهله :: وهل عاقل يا قوم أو متبصر

فلو كان في كوبا الذي جرى لنا :: لطارت به الهيئات تشكو وتنذر
إذا دخلوا بعد الإهانات والأذى :: نسليهموا بالقول لا تتحسروا
فعما قريب يبدل العسر يسرة :: وتغدو المآسي ذكريات تذكر
وأما المقضي فهو في الشهر مرة :: ويشري لنا مالا يفيد ويذكر
لكل سجين خصلة ليس غيرها :: وليس له شئ سواها يخير
ويقتسم الاثنان في الشهر حبة  :: من الشمبو والصابون كي يتطهروا
كذا حبة المعجون بالنصف بينهم :: لمدة شهر يامساجين فاصبروا
وقد سمحوا كيما نهاتف أهلنا :: نطمئنهم عن حالنا ونخبر
ففي كل أسبوع نكلم مرة :: دقائق عشر بالثواني تقدر
وتنتقص أحياناً لخمس دقائق  :: وفي معظم الأحيان تلغى وتبتر
وليس لنا حق بتعويض فاقد :: من الوقت مهما أجحفوا وتجبروا
وإن زاد فرد في الكلام دقيقة :: فذلك ذنب ليس يمحى ويغفر
يعاقب بالحرمان دون هوادة :: ويمنع من أدنى الحقوق وينذر
يهان إذا أبدى اعتراض أو اشتكى :: ويؤذيه غلمان بغوا وتعسكروا
ترى الشيخ والشيب المهيب مذللاُ :: يُسب ويؤذى من طغام ويقهر
ولا يطفئون النور عند منامنا  :: فمنذ أتينا والاضاءات تبهر
فلا ليل فيه تسكن النفس برهة :: ولمباتهم كالشمس بالنور تجهر
وقد منعوا اطفاءها رغم أنهم ::لهم كاميرات كل شئ تصور
تصور حتى لو غدا الليل حالكاً :: وترصد مشي النمل لو يتعثر
وللفرد منا كل يوم وليلة :: ثلاث تميرات تعد وتحصر
سوى أن منا من يِهادي زميله :: بتمراته عن طيب نفس ويؤثر
فيا عجب تُعطى التمور هدية :: لكل بلاد الله والسجن مقفر
ولما أردنا نشتري بنقودنا  :: تموراً بها من صام منا سيفطر
اجابوا بأن التمر يُمنع جلبه :: شراءً وممنوع به الأهل يحضروا
وشهراً مكثنا لا صوابين عندنا :: ننقّي به أجسامنا ونطهر
وشهراً جلسنا لامعاجين عندنا :: نزكيّ بها أفواهنا ونبهِّر
كذا العطر ممنوع فمنذ مجيئنا :: وليس لنا عطر به نتعطر
فكل سبيل للوساخة واجب  :: وكل سبيل للنظافة منكر
وكل سبيل للاهانة لازم :: وكل سبيل للكرامة مهدر
وفي كل اسبوع نُساق لساعة :: نرى الشمس فيها في المشمس نحصر
لقد أهدروا منا الكرامات كلها  :: فلم يبق شئ بعد ذلك يُحذر
وإن أذنوا للشخص منا بخلوة :: ففي غُرف عند البهائم تُقذر
شراشفهم تعلو القذارات فوقها :: وفرشهمو مثل القمامة أغبر
وقد وضعوا فوق الفراش وسادة :: تغيّر منها اللون فالترب أطهر
أثاث قديم هالك متوسخ :: كريه ولون حائل متغيّر
علاها البلى حتى كأن زمانها :: عليه مضى دهر طويل وأعصر
فأين حقوق الناس كيما ترى هنا :: جميع حقوق الآدميين تهدر
فلا شيئ غير الأكل يُعطى لنا هنا :: وكل معاني الأدمية تُنحر
فلا كتب تعطى لنا أودفاتر :: ولا ورق أو مابه الخط يُسطر
صنعنا من القصدير أقلام خطنا :: تترجم عما عندنا وتعبر
نخط بها فوق الجدار قصائداُ ::دفاترنا الجدران فيها نحبّر
وحائطنا صرنا نسميه نكتة :: اذا ما جلسنا عنده نتسمر
غدا حائط المبكى ونحن أمامه :: نهُز قوافي الشعر بالظلم تسخر
وقد منعوا عنا الملابس كلها :: سوى ما به منّوا علينا واحضروا
ملابس خّصت للسجون رديئة :: غليظ حواشيها بها اللون أعفر
وأما الثياب البيض فالمنع حكمها :: وكل السراويل الطويلات تحظر
وعارية منا الرؤوس فكل ما :: يغطي رؤوساً فهو في السجن منكر
فليس لنا حق يصان جنابه :: وليس لنا عذر لشيئ فنعذر
فمنا قضاة سابقون وبيننا :: شيوخ لهم في العلم ذكر ومنبر
ومنا أساتيذ كبار تبوؤا  :: مناصب في كل المحافل تشهر
محامون مرموقون فينا جهودهم :: وأعمالهم في الخير تُروى وتُذكر
وفينا شباب طامحون إلى العلا :: نجوم بذكر الله تزهو وتزهر
وليس لنا ذنب سوى جور حاكم :: له صولة يؤذي بها ويُدمر
يرى العدل والشورى جرائم من دعا :: لها فله كل البلايا تُدبّر
ومن رام إصلاحاً فإن مكانه :: سجون بها يقضي الحياة ويُقبر
إلهى اليك المشتكى من مظالم :: سقانا وآذانا بها متجبّر
فأنت إلهي قاهر كل ظالم :: وأنت القدير المؤمن المتكبر